الاقتصاد البريطاني يتعثر بسبب أزمة كلفة المعيشة

الاقتصاد البريطاني يتعثر بسبب أزمة كلفة المعيشة

تباطأ نمو القطاع الخاص في المملكة المتحدة إلى أدنى مستوياته في 3 أشهر، فيما أدت زيادة أسعار الفائدة والتضخم المرتفع بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية، إلى تفاقم أزمة كلفة المعيشة، وفق ما أظهرت بيانات الجمعة.

يأتي ذلك مع إعلان الحكومة البريطانية عن إجراءات لمساعدة أصحاب الرهون العقارية بعد ارتفاع تكاليفها جراء زيادة أسعار الفائدة، مثل زيادة مهلة عدم السداد والسماح للعملاء بتسديد خدمة الدين فقط لستة أشهر أو تمديد مدة الرهن لتخفيض الدفعات الشهرية.

وأبرزت الأرقام التي صدرت، الجمعة، المصاعب الاقتصادية التي تواجهها بريطانيا، ما زاد الضغط على رئيس الوزراء ريشي سوناك، بحسب فرانس برس.

وانخفض مؤشر مديري الشراء (بي إم آي) التابع لمجموعة "ستاندرد أند بورز" في المملكة المتحدة إلى 52,8 في يونيو بعدما كان 54 في مايو.

ويشير رقم أعلى من 50 إلى نمو في النشاط، فيما يشير رقم أدنى من ذلك إلى تراجعه.

وقال كريس وليامسن وهو اقتصادي بارز في "ستاندرد أند بورز غلوبل ماركت إنتليجنس" في بيان: "يظهر مسح مؤشر مديري الشراء لشهر يونيو أن الاقتصاد البريطاني فقد الزخم مجددا بعد زيادة طفيفة في النمو خلال الربيع ويبدو أنه سيضعف أكثر في الأشهر المقبلة"، خصوصا أن "الإنفاق الاستهلاكي على الخدمات الذي كان محركا أساسيا للنمو في الربيع، يظهر الآن علامات تعثر".

وأضاف أن ذلك "كان واقع ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة كلفة المعيشة والتشاؤم بشأن التوقعات المستقبلية وهو ما يبطل مفاعيل التعزيز القصير للإنفاق".

وأظهرت بيانات رسمية هذا الأسبوع أن معدل التضخم السنوي في المملكة المتحدة بلغ 8,7 في المئة في مايو، دون تغيير عن إبريل، ما تسبب في قيام بنك إنجلترا، الخميس، برفع سعر الفائدة الرئيسي بنسبة أعلى مما كان متوقعا.

والزيادة البالغة نصف نقطة التي أقرها البنك على سعر الفائدة الرئيسي، هي الثالثة عشرة على التوالي.

ويتوقع الاقتصاديون أن تصل المعدلات إلى ستة في المئة هذا العام ما قد يؤدي بالمملكة المتحدة إلى الركود على غرار منطقة اليورو.

 تباطؤ تجارة التجزئة 

وأظهرت بيانات منفصلة، الجمعة، تباطؤ نمو مبيعات التجزئة في مايو مع تأثير ارتفاع أسعار المواد الغذائية على المتسوقين بشدة.

وقال المكتب الوطني للإحصاء في بيان إن مبيعات التجزئة الإجمالية من حيث الحجم ارتفعت 0,3 في المئة بعد تحقيقها زيادة بلغت نسبتها 0,5 المئة في إبريل.

وتراجعت مبيعات متاجر المواد الغذائية بنسبة 0,5 في المئة في مايو، وقد أشار تجار التجزئة إلى أن "ارتفاع كلفة المعيشة وأسعار المواد الغذائية استمر في التأثير على حجم المبيعات"، وفق المكتب الوطني للإحصاء.

وأشار المكتب إلى أن المبيعات الإجمالية ارتفعت بفضل انخفاض سعر الوقود والطلب على الملابس الصيفية والأغراض المخصصة للنشاطات الخارجية.

كذلك، أظهرت بيانات رسمية بريطانية هذا الأسبوع أن التضخم السنوي لأسعار الغذاء اقترب من مستوى قياسي بلغ 18,4 في المئة في مايو.

مساعدة في الرهن العقاري 

وكان سوق الإسكان في المملكة المتحدة أيضا موضع تركيز حاد.

ووافق وزير المال جيريمي هانت، الجمعة، على تدابير دعم مع كبار مقرضي الرهن العقاري في المملكة المتحدة للعملاء الذي يواجهون صعوبات في تسديد المتأخرات، شمل ذلك انتظار فترة لا تقل عن 12 شهرا قبل إعادة امتلاك منازل.

تأثر ملايين البريطانيين الذين لديهم قروض سكنية خصوصا برفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة التي سوف يعكسها المقرضون التجاريون.

وفي ما يتعلق بالأغذية، أقر سوناك، الخميس، بأن فواتير التسوق الأسبوعية للأسر "ارتفعت كثيرا في الأشهر القليلة الماضية".

وأضاف: "نحن نتحقّق من متاجر السوبرماركت ونتأكد من أنها تتصرف بمسؤولية وبشكل عادل في ما يتعلق بتسعير كل تلك المنتجات، للتأكد من أننا نخفف الأعباء".

أزمة غلاء معيشة

وتشهد بريطانيا ودول أوروبا ارتفاع التضخم، حيث أعاقت الحرب الروسية في أوكرانيا إمدادات الطاقة والمواد الغذائية الأساسية مثل القمح.

وارتفعت الأسعار بالفعل قبل الحرب، حيث أدى التعافي الاقتصادي العالمي من جائحة كوفيد-19 إلى طلب قوي من المستهلكين.

دفعت أسوأ أزمة غلاء معيشة تشهدها بريطانيا منذ أجيال كثيراً من سكان برادفور في شمال إنجلترا نحو مركز لتوزيع المساعدات الغذائية لاستلام حصص توصف بأنها "إنقاذية" فيما خرج آلاف المواطنين في وسط العاصمة البريطانية "لندن"، احتجاجا على ارتفاع تكاليف المعيشة.

مؤخرا نفذ عمال السكك الحديدية والأطباء وقطاع التمريض في بريطانيا إضرابا عن العمل، بعد فشل مفاوضات بشأن زيادات في الأجور تماشيًا مع التضخم الذي سجل مستويات قياسية.

وفي سياق متصل، أعلن الاتحاد الوطني للتعليم البريطاني، أن الإضراب بين أعضائه في الخريف المقبل سيكون السبيل الوحيد المتاح إذا لم يتم حل الخلاف مع الحكومة بشأن رفع المرتبات لمواجهة ارتفاع التضخم.

وأدى ارتفاع أسعار الوقود إلى تفاقم أزمة كلفة المعيشة للأسر البريطانية، التي تعاني من ارتفاع فواتير الطاقة وأعلى معدل تضخم خلال 4 عقود، كما ارتفعت أسعار الديزل في المملكة المتحدة بسبب قرار الدولة حظر شحنات الوقود من روسيا، وهو ما زاد من حالة الاستياء لدى شريحة كبيرة من فئات الشعب البريطاني التي لا يسمح دخلها بمواكبة التضخم وارتفاع الأسعار.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية